ارشيف من :آراء وتحليلات

جدل في تونس حول التطبيع مع الصهاينة

جدل في تونس حول التطبيع مع الصهاينة

يستعد المجلس الوطني التأسيسي في تونس لاستدعاء وزيرة السياحة آمال كربول والوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني السيد المنجي صفر لمساءلتهما على خلفية سماح السلطات التونسية لستة عشر سائحا إسرائيليا بدخول الأراضي التونسية. ويقوم بعض النواب بمساعيَ من أجل سحب الثقة من هذين الوزيرين في انتظار صدور قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني يمكن على أساسه محاسبة المطبّعين مستقبلا، وخاصة أن حركة النهضة الإخوانية أجهضت حين كانت في الحكم مشروع دسترة تجريم التطبيع، وكُتب الدستور التونسي من دون أن يتضمن بندا يجرّم التطبيع.

وكان السياح الإسرائيليون قد دخلوا إلى تونس بجوازات سفر أوروبية باعتبار أن السواد الأعظم من الصهاينة الأشكناز (الغربيين) الحاملين لجنسية ما يسمى "إسرائيل" هم مهاجرون حافظ أغلبهم على جنسيات البلدان التي أتوا منها. كما دخل هؤلاء في إطار الرحلات البحرية التي تجريها وكالات أسفار غربية في موانئ المتوسط وتشمل تونس أو قرطاج باعتبار مساهمتها الفعالة في تاريخ هذا الحوض، ويقتصر رسو هذه السفن في الموانئ التونسية على يوم واحد يزورون خلاله آثار قرطاج وأسواق مدينة تونس القديمة.

إنقسام


ورغم اتفاق الرأي العام الوطني على عدم التطبيع مع الكيان الصهيوني ولم يسبق لأي جهة أن تجرأت وباركت هذا الأمر، إلا أن التونسيين انقسموا بشأن مساءلة الوزيرين. حيث تتصدر حركة النهضة والموالون لها، المطالبين بالمساءلة، وتشن حملات شعواء على وزيرة السياحة بالخصوص في وسائل الإعلام النهضوية وفي الصفحات المحسوبة على الحركة الحاكمة السابقة على مواقع التواصل الإجتماعية.


ويبدو أن هناك رغبة حقيقية من قبل النهضويين في إزاحة الوزيرة من منصبها واستبدالها. وقد ذهب بعض المحسوبين على حركة النهضة إلى حد الإساءة إلى الجهة التي تنتمي إليها الوزيرة من خلال القول بأن الأمر لا يستغرب باعتبار أن السيدة آمال كربول هي أصيلة جربة. ففي هذه الجزيرة المتوسطية الخلابة يعيش السواد الأعظم من الأقلية اليهودية التونسية إلى جانب المسلمين الإباضيين، ويوجد بها كنيس كبير يحج إليه اليهود سنويا من كافة أنحاء العالم.

جدل في تونس حول التطبيع مع الصهاينة



ازدواجية الخطاب

أما الفريق المقابل الذي يعارض بدوره التطبيع فيرى أن ما تقوم به الحركة وحلفاؤها يدخل في إطار ازدواجية الخطاب والنفاق السياسي. فالنهضة التي ترفع اليوم شعار تجريم التطبيع بعد أن غادرت الحكم، هي من أجهض إدراج بند لتجريم التطبيع في الدستور حين كانت في الحكم، تارة بعلة أن الأمر يعود لأنظار القوانين العادية وليس للدستور، وطورا بالقول بأن إسماعيل هنية رئيس حركة "حماس" طلب منهم عدم القيام بذلك (وهو ما نفاه هنية رسميا)، وأحيانا بدفاع أنصارها عن هذا الخيار (عدم تجريم التطبيع في الدستور) بعلة الإقتصاد الوطني الذي سيتضرر حين تمتنع الصناديق المالية الدولية عن منح التونسيين القروض والمنح باعتبار أن القائمين على هذه المؤسسات المالية صهاينة.

ويرى معارضو حركة النهضة الإخوانية أن الحزب الحاكم السابق بصدد البحث عن اكتساب شعبية كان قد افتقدها خلال سنتين من حكم البلاد، وذلك من خلال رفع شعارات تحرك مشاعر الشارع التونسي على غرار محاربة المطبعين مع الكيان الغاصب والدفاع عن ملف شهداء وجرحى الثورة الذي أهملته حين كانت في الحكم. وبالتالي يصبح تتبع الوزيرين ومساءلتهما في أنظار معارضي النهضة فعل حق يراد به باطل خاصة وصور قادة النهضة وهم يستقبلون بالأحضان والقبل صهاينة أمريكيين من أمثال جون ماكين وليبرمان أصبحت تتداول بكثرة هذه الأيام في مواقع التواصل الإجتماعي.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه اليوم ماذا ستفعل الحكومة بشأن اليهود الذين يحجون سنويا إلى معبد الغريبة بجزيرة جربة خاصة مع اقتراب هذا الموعد؟ كيف سيتم التعرف الى حمَلة الجنسية الإسرائيلية خاصة إذا جاء هؤلاء بجوازات بلدان أخرى يحملون جنسيتها؟

2014-04-25