ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: بين أدب الداخل والخارج

كتب حسن نعيم
يشوب العلاقة بين الأدب المهاجر والأدب المقيم شيء من العتاب يصل أحياناً إلى حد التجريح والشكوك والاتهامات المتبادلة.
أدباء الخارج مغتربين ومنفيين يتهمون الأدباء الماكثين في الوطن بالتواطؤ مع السلطة الحاكمة والترويج لسياستها عبر الانخراط في ماكينتها الاعلامية الرسمية، ويفاخرون بأنهم يربأون بأنفسهم أن يكونوا أبواقاً دعائية للأنظمة السائدة وقوى الأمر الواقع.
يقول الروائي "خليل النعيمي" وهو جرّاح يقيم في باريس، إن المنفى يساعد الروائي على تفهم وطنه أكثر وهو مبتعد عنه، خصوصاً أنه يكتب من خلال ذاكرته. ويعتبر الروائي "حليم بركات" الذي يدرّس في جامعة "جورج تاون" الاميركية أن النفي دون مغادرة الوطن هو أقسى أنواع الغربة, ويضيف أنه في أميركا بإمكانه الدفاع عن الكثير من القضايا العربية.
الكتّاب والأدباء القاطنون في الوطن يردّون بأنهم وحدهم من يكتوي بنار التجربة والمعاينة الدقيقة لما يجري على أرضهم وبين ظهرانيهم, وبالتالي فهم الأحق في التعبير عن هذا الواقع الذي يتقلبون على جمره, ويكتوون بناره، وليس من هرب من سياطه اللاهبة لائذاً بالأوطان البديلة, مستمتعاً بأضواء الشهرة والبريق التي تؤمنها له الطّلات الإعلامية الفضائية والمقابلات الصحفية في المجلات والصحف الواسعة الانتشار.
إلى هؤلاء ينضم الكاتب السوري المعروف جورج طرابيشي الذي عاهد نفسه على أن يكتب في السياسة خارج الوطن يقول طرابيشي: "لا أعتقد ان الاستمرار في النضال السياسي خارج الوطن فعل شجاع".
إذا كان لنا من رأي نضيفه في هذا الموضوع الذي كثرت فيه الآراء والمواقف, فإننا نرى أن ثمة تكاملاً في الأدوار, ففي حين يمتلك الكاتب في الوطن تجربة الاكتواء بجمر الواقع ومعايشة تفاصيله عن كثب, يحتفظ الأديب في الخارج بوسائله وأدواته التعبيرية الكثيرة والحرة إلى حد كبير على ما يقول الكاتب التونسي "حسونة المصباحي"، الذي يضيف أنه اختار المنفى ليخدم حريته الشخصية. وإذا ما اعتبرنا ان وصول الأديب في المنفى إلى المنابر الإعلامية الواسعة الانتشار أمراً ايجابياً مع إخلاصه لقضايا أمته واستفادته من تجربة الغربة ودروسها، فإن التكامل بين الأدوار لا يعود مقبولاً منطقياً فحسب، بل مطلوباً أيضاً.
الانتقاد/ العدد1287 ـ 5 آب/ أغسطس 2008
يشوب العلاقة بين الأدب المهاجر والأدب المقيم شيء من العتاب يصل أحياناً إلى حد التجريح والشكوك والاتهامات المتبادلة.
أدباء الخارج مغتربين ومنفيين يتهمون الأدباء الماكثين في الوطن بالتواطؤ مع السلطة الحاكمة والترويج لسياستها عبر الانخراط في ماكينتها الاعلامية الرسمية، ويفاخرون بأنهم يربأون بأنفسهم أن يكونوا أبواقاً دعائية للأنظمة السائدة وقوى الأمر الواقع.
يقول الروائي "خليل النعيمي" وهو جرّاح يقيم في باريس، إن المنفى يساعد الروائي على تفهم وطنه أكثر وهو مبتعد عنه، خصوصاً أنه يكتب من خلال ذاكرته. ويعتبر الروائي "حليم بركات" الذي يدرّس في جامعة "جورج تاون" الاميركية أن النفي دون مغادرة الوطن هو أقسى أنواع الغربة, ويضيف أنه في أميركا بإمكانه الدفاع عن الكثير من القضايا العربية.
الكتّاب والأدباء القاطنون في الوطن يردّون بأنهم وحدهم من يكتوي بنار التجربة والمعاينة الدقيقة لما يجري على أرضهم وبين ظهرانيهم, وبالتالي فهم الأحق في التعبير عن هذا الواقع الذي يتقلبون على جمره, ويكتوون بناره، وليس من هرب من سياطه اللاهبة لائذاً بالأوطان البديلة, مستمتعاً بأضواء الشهرة والبريق التي تؤمنها له الطّلات الإعلامية الفضائية والمقابلات الصحفية في المجلات والصحف الواسعة الانتشار.
إلى هؤلاء ينضم الكاتب السوري المعروف جورج طرابيشي الذي عاهد نفسه على أن يكتب في السياسة خارج الوطن يقول طرابيشي: "لا أعتقد ان الاستمرار في النضال السياسي خارج الوطن فعل شجاع".
إذا كان لنا من رأي نضيفه في هذا الموضوع الذي كثرت فيه الآراء والمواقف, فإننا نرى أن ثمة تكاملاً في الأدوار, ففي حين يمتلك الكاتب في الوطن تجربة الاكتواء بجمر الواقع ومعايشة تفاصيله عن كثب, يحتفظ الأديب في الخارج بوسائله وأدواته التعبيرية الكثيرة والحرة إلى حد كبير على ما يقول الكاتب التونسي "حسونة المصباحي"، الذي يضيف أنه اختار المنفى ليخدم حريته الشخصية. وإذا ما اعتبرنا ان وصول الأديب في المنفى إلى المنابر الإعلامية الواسعة الانتشار أمراً ايجابياً مع إخلاصه لقضايا أمته واستفادته من تجربة الغربة ودروسها، فإن التكامل بين الأدوار لا يعود مقبولاً منطقياً فحسب، بل مطلوباً أيضاً.
الانتقاد/ العدد1287 ـ 5 آب/ أغسطس 2008