ارشيف من :آراء وتحليلات

من خطف الديبلوماسييْن التونسييْن في ليبيا؟

من خطف الديبلوماسييْن التونسييْن في ليبيا؟

يتصدر موضوع اختطاف ديبلوماسييْن تونسييْن في ليبيا عناوين  الصحف التونسية كما نشرات الأخبار في مختلف القنوات التلفزيونية والإذاعات، كما أن وزارة الخارجية منكبة، بحسب ما يرشح عنها من بيانات، على القيام بالمساعي الكفيلة بالإفراج عنهما. ولعل ما دفع إلى هذا الإهتمام هو بث بعض القنوات لمقطع فيديو يبرز فيه أحد المختطفيْن وهو يناشد رئيس الجمهورية التدخل للإفراج عنه وقد لاح في وضع نفسي وجسدي يثير القلق والشفقة.

فالرأي العام في تونس لم يهتم في البداية عند اختطاف الديبلوماسي الأول ما دفع بالجهات الخاطفة إلى القيام بعملية ثانية تمكنت من خلالها من القبض على الديبلوماسي الثاني. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف لم تقم السفارة التونسية في طرابلس بتوفير الحماية للبعثة الديبلوماسية العاملة في العاصمة الليبية بعد عملية الإختطاف الأولى؟

شكوك

لذلك فإن شكوكا تحوم حول عملية الإختطاف، واتهامات بالتواطؤ فيها، تطال جهات تونسية وأخرى ليبية، والهدف هو تلميع صورة قائد ميليشيا ليبية تعرض مؤخرا لاتهامات خطيرة في تونس تتعلق بمساهمته في تمويل الجماعات التكفيرية التي تقوم بأعمال إرهابية في أرض الخضراء. فقائد الميليشيا الليبي، برز مؤخرا في الواجهة وسوقت له وسائل الإعلام كما جهة سياسية معلومة لدى التونسيين، باعتباره الوحيد، القادر من خلال نفوذه، على الإفراج على الديبلوماسيين، وبأنه صديق التونسيين ومن يحافظ على مصالحهم في ليبيا.

من خطف الديبلوماسييْن التونسييْن في ليبيا؟


ولعل ما يدعم هذه الشكوك هو إعلان جهات ليبية عن قرب الإفراج على الديبلوماسيين المختطفين من دون أن تقوم الحكومة التونسية بالتفاوض مباشرة مع الخاطفين ودون أن تستجيب لمطالبهم والمتمثلة في الإفراج على بعض العناصر التكفيرية المودعة بالسجون التونسية. فهذه الجماعات عادة ما تجنح إلى إعدام رهائنها وتقتلهم بدم بارد في حال رفضت حكومات بلادهم التفاوض ولم تستجب لمطالب الخاطفين  فكيف تفرج عن الديبلوماسيين التونسيين من دون أن تنال فدية في أسوأ الأحوال؟


ضبابية


ويشار إلى أن الحديث كان في البداية عن "عائلات لديها عداوات فيما بينها" وهي المتورطة في عمليتي الإختطاف. ثم تطور الأمر ليتم الحديث عن تورط جماعة القذافي في العملية ردا على تسليم حكومة الترويكا التونسية السابقة بقيادة حركة النهضة لبعض السؤولين من نظام القذافي لنظيرتها الليبية، وأخيرا أصبح الحديث عن جماعات تكفيرية مرتبطة بأخرى تونسية تسعى للإفراج على تونسيين تعتقلهم السلطات التونسية، ولعل هذه الضبابية هي التي عززت الشكوك حول الهدف من العملية والجهات التي تقف خلفها.

إن ماهو مؤكد أن قائد الميليشيا الليبي المشار إليه يسعى منذ فترة و بمساعدة رجل أعمال تونسي إلى تلميع صورته في تونس و قد قام بحملة في وسائل الإعلام التونسية من أجل هذه الغاية. كما تعاون مع محامين تونسيين يساريين ومن التيار الذي ينتمي إليه الشهيد شكري بلعيد من أجل تتبع الجهات التي اتهمته بالتورط في اغتيال زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين في تونس. فبعض هؤلاء "الجهاديين" باتوا رجال أعمال، وتونس هي بوابة الليبيين للعبور إلى الخارج من خلال موانئها ومطاراتها الدولية التسعة وشبكة طرقاتها وسككها الحديدية غير المتوفرة في ليبيا وكذا فنادقها الفخمة التي تعقد فيها الندوات وتبرم فيها الصفقات واعتادت على مناخ المال والأعمال والتجارة مع بلدان القارة العجوز.

وبالتالي فإن جهات عديدة ترجح فرضية أن يكون الخاطف هو ذاته من يقوم بالمساعي للإفراج عن الرهائن، والهدف هو الظهور بمظهر حامي حمى التونسيين في ليبيا من أجل الإستثمار في الخضراء واستغلال بناها التحتية بعد أن غنم هو وأمثاله الكثير من ريع النفط الليبي بعد انهيار نظام القذافي.  
2014-04-30