ارشيف من :آراء وتحليلات

سلطة كييف الانقلابية الفاشستية تشن الحرب على شعبها

سلطة كييف الانقلابية الفاشستية تشن الحرب على شعبها

خلافا لاتفاق جنيف (بين روسيا، الناتو، الاتحاد الاوروبي والحكومة الاوكرانية الانقلابية) والقاضي بحل النزاع بالطرق السلمية وعبر المفاوضات بين حكومة الامر الواقع في كييف والقوى الشعبية المعارضة لها، عمدت الحكومة الانقلابية، مدعومة من الناتو والاتحاد الاوروبي في الخارج والمجموعات الفاشستية في الداخل، الى توجيه قوات الجيش الاوكراني ضد جماهير شعبه الخاص. وهذا ما دفع وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف الى اتهام تلك السلطة بأنها ترتكب جريمة وطنية. وصرح الرئيس الروسي بوتين انه بدلا من ان تتلهى اميركا والدول الغربية الموالية لها بفرض العقوبات العقيمة على روسيا، عليها ان تدافع عن الشعب الاوكراني وتضغط على الحكومة الانقلابية الاوكرانية لتنفيذ اتفاق جنيف. وقال ممثل روسيا في الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان الدول الغربية تستخدم معيارين، ففي حين عارضت قيام الشرطة النظامية في اثناء حكم يانوكوفيتش باستخدام السلاح لمنع المجموعات المتطرفة من اقتحام البرلمان، فإنها الان تؤيد ارسال قوات الجيش الاوكراني بكل اسلحته لمحاربة الجماهير المسالمة في شرق وجنوب اوكرانيا.

ولكن هجوم القوات النظامية الاوكرانية لم يضعف قوة انتشار الانتفاضة، وفي اوديسا سيطرت قوات الدفاع الذاتي الشعبية على ست آليات برمائية لانزال الجنود.
وتشير كل المعطيات الميدانية ان سلطات كييف قد حشرت في زاوية العجز عن السيطرة على الوضع في جميع المناطق التي شملتها الانتفاضة في شرق وجنوب اوكرانيا، كما نقلت وكالة رويتز.

وتتوارد انباء متضاربة من مناطق الانتفاضة. وتقول بعض الانباء ان كوكبة من ست آليات مدرعة للقوات المسلحة الاوكرانية قد انضمت الى صفوف الانتفاضة. بينما تقول الانباء الحكومية ان الاليات الاوكرانية تم تطويقها من قبل جنود يتكلمون الروسية وهم بدون شارات مميزة تدل على هويتهم قد طوقوا الاليات، مما اضطر الجنود الاوكرانيين لتسليم آلياتهم بدون مقاومة.
وقبل هذه الاحداث كان الرئيس المؤقت الانقلابي الكسندر تورتشينوف قد اعلن عزل قائد القوات المسلحة لوزارة الداخلية الاوكرانية. وفيما بعد ظهرت الاليات المدرعة المقصودة وهي ترفع العلم الروسي وعلم ما سمي "جمهورية دونيتسك الشعبية"، ـ ظهرت في مدينتي كراماتورسك وسلافيانسك المنتفضتين، وكان يتسلقها رجال مسلحون بالرشاشات والمسدسات وقاذفات القنابل.

وفي الوقت ذاته فإن رجالا مقنعين ومسلحين سيطروا على مبنى المجلس البلدي في دونيتسك. ولم تحدث اية مقاومة، بل ان الفصيل المسلح دخل ببساطة الى المبنى وقال مسؤولوه للموظفين المتواجدين انه لا احد يهددهم، وانه يمكنهم البقاء في اماكنهم وتأدية عملهم كالمعتاد، كما جاء في الجريدة المحلية "أوستروف". وقال رئيس تحرير الجريدة سيرغيي غاماش ان المقنعين قدموا انفسهم بأنهم ينتمون الى منظمة "أوبلوت" (المقاومة).  
ونقلت وكالة رويترز عن ناطقة باسم المجلس البلدي في دونيتسك قولها ان المجموعة التي سيطرت على المبنى تتألف على الاقل من 20 من مؤيدي روسيا، وانهم لن يتقدموا بأية مطالب. اما جريدة "اوكرايينسكايا برافدا" فنقلت عن لسان صحفي محلي ان زعيم المجموعة يدعى الكسندر زاخارتشينكو، وهو من حركة المقاومة في مدينة خاركوف.
ويزعم الصحفي الاوكراني دميتريي تيمتشوك، المتخصص في قضايا الدفاع والامن، ان بعض وحدات قوات الانزال الجوي وبعض الوحدات الخاصة التابعة للمخابرات الروسية تعمل في منطقة الاضطرابات.
في حين ان موسكو تؤكد عدم وجود اي قوات لها على الاراضي الاوكرانية، وانها على استعداد للمناقشة  في اي اتهامات من هذا النوع تستند الى البراهين.
ويدعي جهاز الامن الاوكراني انه حصل على تسجيلات لمخابرات هاتفية بين ما سماه "وحدات التخريب" الروسية في سلافيانسك وبين من تسميهم الحكومة الانقلابية "الانفصاليين".

ومن جهة ثانية فإن مجلس نواب مقاطعة "بريدنيستروفيه" (مقاطعة ذات اغلبية روسية منفصلة واقعيا منذ 20 سنة عن جمهورية مولدوفا التي تقع بين اوكرانيا ورومانيا)، صوت يوم الاربعاء الماضي بالاجماع على نداء موجه الى القيادة الروسية للاعتراف بالمقاطعة بوصفها جمهورية مستقلة عن جمهورية مولدوفا. ويستند النداء الى شرعة الامم المتحدة، التي تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، كما يستند الى نتائج الاستفتاء الذي جرى في المقاطعة سنة 2006، والذي صوت فيه 97% من السكان المحليين مؤيدين استقلال بريدنيستروفيه وانضمامها المستقبلي الى روسيا. وقرر البرلمان ان يقوم وفد نيابي من تيراسبول (عاصمة بريدنيستروفيه) بالسفر الى موسكو للاجتماع مع رئيس البرلمان الروسي سيرغيي ناريشكين.

هذا وقد اعلنت الحكومة الانقلابية عن ايقاف عمليات القوات الخاصة عن مهاجمة المدينة الاوكرانية الشرقية سلافيانسك (التي تقع تحت سيطرة قوات الدفاع الذاتي للجماهير المنتفضة)، وذلك خوفا من ان تقوم القوات الروسية بهجوم على المنطقة للدفاع عن المواطنين الروس، حسبما جاء في صحيفة "كييف بوست"، استنادا الى اقوال موظف كبير في جهاز الامن المحلي في الاقليم. وقال هذا المصدر انه تم ايقاف الهجوم خوفا من تدخل القوات الروسية. وحسب معلومات اجهزة المخابرات الاوكرانية، فإن احتمالات التدخل المباشر لروسيا قد ازدادت على اثر الاشتباكات التي حدثت في سلافيانسك.
وكانت العملية العسكرية لحكومة كييف الانقلابية قد بدأت في 22 نيسان الماضي، بهدف اعادة سيطرة كييف على مدن شرقي اوكرانيا التي اعلنت نفسها بوصفها "جمهورية دونيتسك الشعبية". وقد سقط في الاشتباكات لا اقل من 7 قتلى. وكان قادة "الجمهورية الشعبية" قد اعلنوا من جهتهم التعبئة العامة ردا على عملية السلطات الانقلابية التي لا يعترفون بها. وعلق بعض هؤلاء القادة على ما يجري بالقول "ان هذا يعني شيئا واحدا: انها الحرب الاهلية"، كما جاء في وكالة انترفاكس الروسية.

سلطة كييف الانقلابية الفاشستية تشن الحرب على شعبها

ويقول بعض الخبراء ان اعلان الحكومة الانقلابية عن تجميد الحملة العسكرية ما هو سوى تضليل اعلامي الهدف منه تغطية العمليات العسكرية الجارية فعلا والتي شارك فيها الطيران وسلاح الدبابات وآليات الانزال البرمائية على شواطئ مدينة اوديسا. وقد قامت الهيليكوبترات الحربية بإنزال مجموعات من قوات "القطاع الايمن" الفاشستية غير النظامية بالقرب من تجمعات الجماهير المنتفضة لمباغتتها وايقاع الخسائر فيها وكانت الهيليكوبترات تنقل المجموعات الفاشستية من مكان الى اخر. كما رصدت مكالمات باللغة الانكليزية بين المجموعات المهاجمة، مما يؤكد الانباء التي انتشرت مؤخرا عن ان عناصر مرتزقة من شركات الامن الخاصة الاميركية كبلاك ووتر واشباهها تشارك في القتال جنبا الى جنب المجموعات الفاشستية.

وعلى خلفية هذه الاحداث انتقد الرئيس بوتين بشدة سلطات الامر الواقع في كييف وقال "اذا كان هؤلاء الناس قد انتقلوا الى ما يسمى مرحلة المواجهة الحادة، او الحملات العقابية، فإن ذلك لن يمر بدون عواقب... بما في ذلك العواقب المترتبة على العلاقات بين بلدينا".
وفي الوقت ذاته بدأ الجيش الروسي باجراء مناورات تدريبية ردا على الاحداث في شرقي اوكرانيا، حسبما صرح وزير الدفاع الروسي سيرغيي شويغو. ويشارك في التدريبات الطيران الروسي الذي يقوم بطلعاته على الحدود مع اوكرانيا.

واكد شويغو انه في العملية التي تشنها سلطات كييف في شرقي وجنوبي اوكرانيا يشارك 11 الف جندي اوكراني، 160 دبابة، واكثر من 230 مدرعة للمشاة، وعدد كبير من الطائرات وطائرات الهيليكوبتر. واضاف شويغو "ان القوى غير متكافئة. لقد اعطيت الاوامر لاستخدام السلاح ضد السكان المسالمين لاوكرانيا. واذا لم يتم ايقاف هذه الآلة الحربية عن العمل، فسيقع عدد كبير من الضحايا والجرحى. اننا مجبرون على ان نقوم بردة فعل".
وفي هذا الوقت فإن سكان المدينة الروسية نوفوشاختينسك، التي تبعد عشرة كيلومترات عن الحدود مع شرق اوكرانيا، بثوا فيديو في شبكة الانترنت تظهر فيه ارتال من الجيش الروسي، مؤلفة من كميونات، دبابات، ناقلات جنود مدرعة، ووحدات مدفعية، وهي تعبر الشارع الرئيسي في المدينة.
هذا، ولتبرير لجوء سلطات كييف الى استخدام قوات الجيش، اعترف الرئيس المؤقت الانقلابي الكسندر تورتشينوف، كما نقلت عنه جريدة "غارديان" البريطانية، ان الشرطة الاوكرانية ليست في وضع يسمح لها بالتغلب على "الانفصاليين" الموالين لروسيا، بل هي في بعض الحالات تنضم اليهم. واضاف ان الاولوية في الوقت الحاضر امام حكومته هي منع امتداد "الاخلال بالامن" في بقية مناطق اوكرانيا. وعبر عن مخاوف كييف من ان تبدأ روسيا الحرب، وقال ان القوات المسلحة الاوكرانية وضعت في حالى تأهب قتالي.

وتعليقا على موقف الشرطة غير المعادي بل والمتعاطف مع المحتجين قال احد الضباط للصحفيين "في اوساط الشرطة يوجد اراء مختلفة. وعملنا يقتصر على المحافظة على القانون". "وانا شخصيا أؤيد الاستفتاء وأؤيد روسيا".
ويحمل بعض رجال الشرطة المسؤولية لسلطات كييف عما يجري ويقولون "انهم ينظرون الينا كعبيد، وانصاف بشر. وهم ينحنون لاشخاص مثل ستيبان بانديرا الذي اطلق النار على اخوتنا. نحن اناس طبيعيون كبقية الناس".  
وتقف سلطة كييف عاجزة عن منع الاستفتاء الذي سيجري في دونيتسك. حيث يتوقع ان تعلن "الجمهورية الشعبية" انتصارها التام.
2014-05-03