ارشيف من :آراء وتحليلات

هل انتصر الجيش التونسي على الجماعات التكفيرية؟

هل انتصر الجيش التونسي على الجماعات التكفيرية؟

استأنف الجيش التونسي عملياته العسكرية في سلسلة جبال الشعانبي المتاخمة للحدود الجزائرية غرب البلاد والتي تعتبر جزءا من سلسلة جبال الأطلس الممتدة من المغرب الأقصى إلى تونس مرورا بالجزائر. ويلاحق الجيش الجماعات التكفيرية الموالية لما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" والذي تمكن من اختراق الخضراء بعد انهيار نظام زين العابدين بن علي الذي كان يحكم البلاد بقبضة حديدية وأمنية تمنع تسلل هذه الجماعات.


وكان الجيش التونسي من خلال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع قد أعلن في وقت سابق عن انتهاء العمليات العسكرية في الشعانبي بعد أن حققت أهدافها وهي القضاء على الإرهابيين المتحصنين بالجبال، إثر قتل وأسر الكثير منهم واضطرار آخرين إلى التسلل فرادى إما إلى داخل التراب التونسي أو إلى الأراضي الجزائرية. لكن عودة العمليات وضعت مصداقية البيانات الصادرة عن المؤسسة العسكرية على المحك وخاصة أن شهود عيان تحدثوا عن قصف عنيف بالطائرات والمدفعية تشهده هذه المنطقة الوعرة التي كانت إلى وقت غير بعيد محمية بيئية وسياحية تزخر بالحياة، ما ينبئ بوجود صعوبات واجهت عملية التمشيط التي قام بها مشاة الجيش وفرقه الخاصة.

كرٌّ وفرٌّ

لقد تحدث البعض عن عمليات كر وفر تقوم بها هذه الجماعات، فحين يشتد عليها الخناق من الجيشين التونسي والجزائري على طرفي الحدود تضطر إلى الإنسحاب والتراجع وخاصة أنها خبيرة بتضاريس المنطقة، لكنها سرعان ما تعود بمجرد أن تسحب هذه الجيوش آلياتها العسكرية وتخفف من تواجدها. فأغلب عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هم من الجزائريين والتونسيين وبالتالي فهم يعرفون أكثر من غيرهم كيف يلجون ويغادرون إلى الشعانبي ومنه وفي الوقت المناسب.

هل انتصر الجيش التونسي على الجماعات التكفيرية؟

وتؤكد مصادر تونسية أن الجيش عثر في الشعانبي على أنفاق تم حفرها حديثا من المرجح أنها تستغل للفرار ثم العودة، وأيضا لنصب الكمائن وزرع الألغام للجنود التونسيين والجزائريين الذين هم في فكر هذه الجماعات "جند الطاغوت". حيث شبه التكفيريون في أكثر من مناسبة، وخاصة من خلال التسجيلات الصوتية، جيوش المنطقة بجيش فرعون واستباحوا دماء جنودهم وضباطهم.

صفقة أسلحة


ونتيجة لهذا الإستنزاف فقد اضطر الجيش التونسي إلى شراء أسلحة حديثة متمثلة في طائرات مروحية مقاتلة ومناظير ليلية وطائرات بدون طيار في تعارض تام مع سياسة البلاد التي انتهجتها خلال السنوات الماضية. حيث دأبت تونس بعد الإستقلال على الإنفاق على التعليم الذي ينال نصيب الأسد من ميزانية الدولة، وابتعدت عن المبالغة في الإنفاق العسكري، بخلاف جيرانها، واحتفظت بجيش نخبوي يضم فرقا خاصة مدربة جيدا على حرب العصابات، وهو ما يفسر نجاحها في صد هذه الجماعات.

وتأتي هذه الصفقات التي يتم الحديث عنها في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية حادة دفعت برئيس الحكومة إلى القيام بجولات شملت الخليج والولايات المتحدة وفرنسا وصندوق النقد الدولي باحثا عن المعونات. لذلك اعتبر البعض أنه كان من الأجدى إنفاق هذه الأموال على التنمية ومزيد تطوير البنية التحتية، وخاصة أن عناصر الأمن (فرقة مجابهة الإرهاب) والجيش بصدد القيام بواجبهم على أكمل وجه وبالإمكانيات المتوافرة. لكن البعض يرى خلاف ذلك ويعتبر الأمن أولوية الأولويات إذ لا يمكن الحديث عن تنمية وتطوير للبنى التحتية في ظل حدود مخترقة وجماعات إرهابية مسلحة تصول وتجول وتعبر الحدود بين بلدان المنطقة بأسلحة ثقيلة تستعمل في كبرى الحروب ورثتها عن نظام القذافي الذي خلف تركة يسيل لها لعاب هذه التنظيمات.
2014-05-07