ارشيف من :أخبار عالمية
عقدة كركوك تؤجل الاستحقاق الانتخابي الى إشعار آخر

بغداد ـ عادل الجبوري
انتهى الجدال والسجال الطويلان حول قانون انتخابات مجالس المحافظات، وبالتحديد المادة (24) منه المتعلقة بوضع مدينة كركوك الى تأجيل التصويت عليه من قبل مجلس النواب الى الفصل التشريعي المقبل، في شهر أيلول - سبتمبر من العام الجاري، وتشكيل لجنة من رؤساء وممثلي الكتل السياسية البرلمانية لبحث ودراسة الموضوع والسعي للتوصل الى حلول توافقية بين الفرقاء، وفي حال تم ذلك يصار الى دعوة مجلس النواب من قبل هيئة الرئاسة الى عقد جلسة استثنائية للتصويت خلال عطلة البرلمان من دون الحاجة الى انتظار بدء الفصل التشريعي اللاحق.
والأخذ بهذه الصيغة للحؤول دون الوصول الى طريق مسدود، جاء بعد اصرار ما يسمى بقوى الثاني والعشرين من تموز ـ في اشارة الى الاطراف التي صوتت على قانون انتخابات مجالس المحافظات ـ على عدم حصر تأجيل الانتخابات بمدينة كركوك فقط، بل تأجيلها في كل محافظات العراق الى العام المقبل، من دون تحديد افق او سقف زمني واضح المعالم والملامح.
وسواء ارتبط خيار التأجيل العام بحسابات او اجندات سياسية خاصة، او حكمته ظروف ومعطيات واقعية، فان الفريق الاخر الذي يتمثل بالتحالف الكردستاني، وجزء من الائتلاف العراقي الموحد، والمستقلين، كان بإمكانه ان يُمرَّ قانون الانتخابات المعدل على ضوء مقترحات وتوصيات ممثل الامم المتحدة في العراق ستيفان دي مستورا القاضية بتأجيل الانتخابات في كركوك فقط دون غيرها من المحافظات، حتى تهيأ الارضيات والمناخات الملائمة لاجرائها، كان بإمكان ذلك الفريق إمرار القانون عبر آلية التصويت لانه احرز وجود اغلبية تضمن إمراره، لكنه نزل عند رغبة فريق دعاة التأجيل العام، رغبة منه في الابقاء على ابواب البحث والنقاش مفتوحة للتوصل الى حلول توافقية من شأنها تخفيف حدة التشنجات والاحتقانات، وتوافر الاجواء السياسية المناسبة لخوض الاستحقاق الانتخابي القادم.
رئيس كتلة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في مجلس النواب العراقي (البرلمان)، الشيخ جلال الدين الصغير قال في تصريحات صحفية بعد انتهاء جلسة البرلمان الاستثنائية يوم الثلاثاء الماضي، السادس من آب/ أغسطس الجاري، التي جرى فيها التصويت على الموازنة المالية التكميلية "ان النصاب كان مكتملا في جلسة اليوم، وقدرتنا على التصويت بحسم الموضوع لخيار الأمم المتحدة كان طاغيا خصوصا بعد انضمام التيار الصدري لمؤيدي خيار الأمم المتحدة، وكان الطرف المعارض مفككا بدرجة كبيرة جدا، ولكننا لم نندفع باتجاه انهاء الأمر بعملية التصويت امتثالا لواقع سياسي كنا نرى حاكميته منذ البداية للبت في المواضيع الشائكة والمعقدة، وهو واقع ايجاد توافق بين المكونات السياسية الأساسية، وبناء على طلب خاص من الحزب الإسلامي بعدم حسم الأمور اليوم والتريث بعض الوقت حتى يكون الحزب الإسلامي قادرا على اشراك آخرين معه في قضية تمثيل المكون السني العربي، مع العلم أنه كان مؤيدا لمقترح الأمم المتحدة، ولهذا تريثنا في موضوع البت في التصويت لأننا لم نرغب أن نتخلص من مشكلة التصويت لنقع في سجال سياسي من جديد بدعوى الاقصاء والتهميش الذي كان البعض يتذرع به".
وبحسب مصادر خاصة من داخل البرلمان فان عدد النواب من فريق دعاة التأجيل العام الذي حضروا جلسة الثلاثاء لم يتجاوز الخمسين نائبا من الكتلة العربية للحوار الوطني بزعامة صالح المطلك، والقائمة العراقية بزعامة اياد علاوي، وكتلة حزب الفضيلة، وكتلة رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، بينما تعدى عدد النواب من فريق دعاة تبنى مقترح الامم المتحدة مئة وخمسين نائبا من الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني، وكذلك التيار الصدري، الذي أيد خيار تأجيل الانتخابات في كركوك فقط.
واذا كان البعض يرى ان تأجيل طرح القانون بصيغته المعدلة وفق مقترحات ممثل المنظمة الدولية يمكن ان يساهم في ترطيب الاجواء واعطاء فسحة اكبر وفي دوائر مصغرة لرؤساء وممثلي الكتل السياسية للتداول في الخيارات المطروحة والممكنة بعيدا عن التشنج والانفعال والمزايدات عبر وسائل الاعلام، فان البعض الاخر يعتقد ان التأجيل يمثل في جانب منه هروبا من مأزق كبير، تترجمه التناقضات الحادة في المواقف، الى جانب عدم التهيؤ والاستعداد الحقيقي للاستحقاق الانتخابي القادم لدى عدد من القوى، والخشية من فقدان بعض، او حتى قدر كبير من المكاسب السياسية المتحققة في مراحل سابقة.
ولعله على ضوء المعطيات الجديدة، يمكن القول ان هناك قبولا واقرارا من مختلف الكتل والكيانات السياسية، وان بنسب ومستويات متفاوتة، للابقاء على الوضع الراهن على ما هو عليه حتى نهاية العام الجاري في ادنى التقديرات، بالنسبة لمدينة كركوك ومجمل الحالة العامة في العراق.
فقد بات امرا مفروغا منه عدم امكانية اجراء الانتخابات من النواحي الفنية حتى لو جرى التصويت على القانون في التاسع من الشهر المقبل، وهو موعد استئناف جلسات البرلمان بفصله التشريعي الجديد، فالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات رجحت اجراء الانتخابات العام المقبل، حيث قال رئيسها فرج الحيدري "ان عدم إقرار قانون الانتخابات من قبل البرلمان العراقي، يعني إيقاف العديد من الإجراءات التي تحتاج المفوضية العليا للانتخابات لتنفيذها بموجب هذا القانون، وان اجراءات عديدة كان من المفترض اتخاذها مع إقرار قانون الانتخابات، منها نظام العد والفرز وتسجيل الكيانات السياسية، وإعداد القوائم بالمرشحين للانتخابات، فضلا عن تدريب 250 ألف شخص مراقبين في المراكز الانتخابية، بيد ان تأجيل إقرار قانون الانتخابات، سيتطلب من المفوضية تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات في العام المقبل على أساس إقرار القانون في شهر أيلول المقبل".
وبما ان هناك استحقاقا انتخابيا اخر في النصف الثاني من العام المقبل، يتمثل بالانتخابات البرلمانية العامة، وبما ان احتمالات عدم حسم الامور العالقة، بحيث يمكن اجراء انتخابات مجالس المحافظات مطلع العام المقبل، فانه من المرجح جدا ان يصار الى التوافق على اجراء انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية في وقت واحد، مثلما حصل في السابق، وهذا الخيار سيوفر الكثير من الجهد والمال على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ويختزل الفترة الزمنية للاحتقانات السياسية التي غالبا ما يولدها التنافس والصراع السياسي الحاد، ويعزز الفرص والمناخات لصياغة ورسم خريطة سياسية وتحالفات اكثر رسوخا وثباتا.
الانتقاد/ العدد 1288 ـ 8آب/أغسطس 2008
انتهى الجدال والسجال الطويلان حول قانون انتخابات مجالس المحافظات، وبالتحديد المادة (24) منه المتعلقة بوضع مدينة كركوك الى تأجيل التصويت عليه من قبل مجلس النواب الى الفصل التشريعي المقبل، في شهر أيلول - سبتمبر من العام الجاري، وتشكيل لجنة من رؤساء وممثلي الكتل السياسية البرلمانية لبحث ودراسة الموضوع والسعي للتوصل الى حلول توافقية بين الفرقاء، وفي حال تم ذلك يصار الى دعوة مجلس النواب من قبل هيئة الرئاسة الى عقد جلسة استثنائية للتصويت خلال عطلة البرلمان من دون الحاجة الى انتظار بدء الفصل التشريعي اللاحق.
والأخذ بهذه الصيغة للحؤول دون الوصول الى طريق مسدود، جاء بعد اصرار ما يسمى بقوى الثاني والعشرين من تموز ـ في اشارة الى الاطراف التي صوتت على قانون انتخابات مجالس المحافظات ـ على عدم حصر تأجيل الانتخابات بمدينة كركوك فقط، بل تأجيلها في كل محافظات العراق الى العام المقبل، من دون تحديد افق او سقف زمني واضح المعالم والملامح.
وسواء ارتبط خيار التأجيل العام بحسابات او اجندات سياسية خاصة، او حكمته ظروف ومعطيات واقعية، فان الفريق الاخر الذي يتمثل بالتحالف الكردستاني، وجزء من الائتلاف العراقي الموحد، والمستقلين، كان بإمكانه ان يُمرَّ قانون الانتخابات المعدل على ضوء مقترحات وتوصيات ممثل الامم المتحدة في العراق ستيفان دي مستورا القاضية بتأجيل الانتخابات في كركوك فقط دون غيرها من المحافظات، حتى تهيأ الارضيات والمناخات الملائمة لاجرائها، كان بإمكان ذلك الفريق إمرار القانون عبر آلية التصويت لانه احرز وجود اغلبية تضمن إمراره، لكنه نزل عند رغبة فريق دعاة التأجيل العام، رغبة منه في الابقاء على ابواب البحث والنقاش مفتوحة للتوصل الى حلول توافقية من شأنها تخفيف حدة التشنجات والاحتقانات، وتوافر الاجواء السياسية المناسبة لخوض الاستحقاق الانتخابي القادم.
رئيس كتلة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في مجلس النواب العراقي (البرلمان)، الشيخ جلال الدين الصغير قال في تصريحات صحفية بعد انتهاء جلسة البرلمان الاستثنائية يوم الثلاثاء الماضي، السادس من آب/ أغسطس الجاري، التي جرى فيها التصويت على الموازنة المالية التكميلية "ان النصاب كان مكتملا في جلسة اليوم، وقدرتنا على التصويت بحسم الموضوع لخيار الأمم المتحدة كان طاغيا خصوصا بعد انضمام التيار الصدري لمؤيدي خيار الأمم المتحدة، وكان الطرف المعارض مفككا بدرجة كبيرة جدا، ولكننا لم نندفع باتجاه انهاء الأمر بعملية التصويت امتثالا لواقع سياسي كنا نرى حاكميته منذ البداية للبت في المواضيع الشائكة والمعقدة، وهو واقع ايجاد توافق بين المكونات السياسية الأساسية، وبناء على طلب خاص من الحزب الإسلامي بعدم حسم الأمور اليوم والتريث بعض الوقت حتى يكون الحزب الإسلامي قادرا على اشراك آخرين معه في قضية تمثيل المكون السني العربي، مع العلم أنه كان مؤيدا لمقترح الأمم المتحدة، ولهذا تريثنا في موضوع البت في التصويت لأننا لم نرغب أن نتخلص من مشكلة التصويت لنقع في سجال سياسي من جديد بدعوى الاقصاء والتهميش الذي كان البعض يتذرع به".
وبحسب مصادر خاصة من داخل البرلمان فان عدد النواب من فريق دعاة التأجيل العام الذي حضروا جلسة الثلاثاء لم يتجاوز الخمسين نائبا من الكتلة العربية للحوار الوطني بزعامة صالح المطلك، والقائمة العراقية بزعامة اياد علاوي، وكتلة حزب الفضيلة، وكتلة رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، بينما تعدى عدد النواب من فريق دعاة تبنى مقترح الامم المتحدة مئة وخمسين نائبا من الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني، وكذلك التيار الصدري، الذي أيد خيار تأجيل الانتخابات في كركوك فقط.
واذا كان البعض يرى ان تأجيل طرح القانون بصيغته المعدلة وفق مقترحات ممثل المنظمة الدولية يمكن ان يساهم في ترطيب الاجواء واعطاء فسحة اكبر وفي دوائر مصغرة لرؤساء وممثلي الكتل السياسية للتداول في الخيارات المطروحة والممكنة بعيدا عن التشنج والانفعال والمزايدات عبر وسائل الاعلام، فان البعض الاخر يعتقد ان التأجيل يمثل في جانب منه هروبا من مأزق كبير، تترجمه التناقضات الحادة في المواقف، الى جانب عدم التهيؤ والاستعداد الحقيقي للاستحقاق الانتخابي القادم لدى عدد من القوى، والخشية من فقدان بعض، او حتى قدر كبير من المكاسب السياسية المتحققة في مراحل سابقة.
ولعله على ضوء المعطيات الجديدة، يمكن القول ان هناك قبولا واقرارا من مختلف الكتل والكيانات السياسية، وان بنسب ومستويات متفاوتة، للابقاء على الوضع الراهن على ما هو عليه حتى نهاية العام الجاري في ادنى التقديرات، بالنسبة لمدينة كركوك ومجمل الحالة العامة في العراق.
فقد بات امرا مفروغا منه عدم امكانية اجراء الانتخابات من النواحي الفنية حتى لو جرى التصويت على القانون في التاسع من الشهر المقبل، وهو موعد استئناف جلسات البرلمان بفصله التشريعي الجديد، فالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات رجحت اجراء الانتخابات العام المقبل، حيث قال رئيسها فرج الحيدري "ان عدم إقرار قانون الانتخابات من قبل البرلمان العراقي، يعني إيقاف العديد من الإجراءات التي تحتاج المفوضية العليا للانتخابات لتنفيذها بموجب هذا القانون، وان اجراءات عديدة كان من المفترض اتخاذها مع إقرار قانون الانتخابات، منها نظام العد والفرز وتسجيل الكيانات السياسية، وإعداد القوائم بالمرشحين للانتخابات، فضلا عن تدريب 250 ألف شخص مراقبين في المراكز الانتخابية، بيد ان تأجيل إقرار قانون الانتخابات، سيتطلب من المفوضية تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات في العام المقبل على أساس إقرار القانون في شهر أيلول المقبل".
وبما ان هناك استحقاقا انتخابيا اخر في النصف الثاني من العام المقبل، يتمثل بالانتخابات البرلمانية العامة، وبما ان احتمالات عدم حسم الامور العالقة، بحيث يمكن اجراء انتخابات مجالس المحافظات مطلع العام المقبل، فانه من المرجح جدا ان يصار الى التوافق على اجراء انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية في وقت واحد، مثلما حصل في السابق، وهذا الخيار سيوفر الكثير من الجهد والمال على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ويختزل الفترة الزمنية للاحتقانات السياسية التي غالبا ما يولدها التنافس والصراع السياسي الحاد، ويعزز الفرص والمناخات لصياغة ورسم خريطة سياسية وتحالفات اكثر رسوخا وثباتا.
الانتقاد/ العدد 1288 ـ 8آب/أغسطس 2008