ارشيف من :آراء وتحليلات
على العهد: "لوم الضحايا"

كتب إبراهيم الموسوي
وبالإذن من المفكر الفلسطيني الكبير الراحل إدوارد سعيد لاستعادة العنوان، فإن ما يرسم على أعلى صفحات أزمات العالم هو هذا النوع من السياسات الأميركية الإسرائيلية الغربية التضليلية، والتضليل هنا على شقين: داخلي يستهدف تزوير وتحوير الوقائع وغسل دماغ الرأي العام العالمي، وخارجي يستهدف إدانة و"شيطنة" كل الدول والقوى وحركات التحرر التي تناهض المشروع الاستعماري الجديد، إن مصطلحات وتوصيفات: "الإرهاب"، "الدول المارقة"، "محور الشر"، و"معاداة السامية"، التي تحفل بها أدبيات المسؤولين الغربيين، وآلات البروباغندا الضخمة التابعة لهم من خلال ضخ يومي كثيف ومبرمج، لا تترك مجالاً ولو لكوّة صغيرة من الرأي الآخر كي تنفذ إلى عمق الوعي الغربي عامة، وكشف زيف الدعاية والأضاليل الحكومية الرسمية.
في استعراض سريع لما تحفل به وسائل إعلام الغرب اليومية وطريقة تعاطيها مع القضايا الكبرى التي تتصل بالعرب والمسلمين: مثل احتلال أفغانستان والعراق وفلسطين وأجزاء من لبنان، وتهديد إيران، نجد أن جلّ ما ينشره إعلام الغرب يصب حكماً في مصلحة السياسات الحكومية الغربية، ويتعارض مع كل ما يتحفوننا به من نظريات حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، فهذه لا تطبّق الا عندهم ومن أجل مصلحتهم فقط!
ـ ففي العراق تحتل دولة بأكملها ويقتل ما يزيد عن المليون شخص ويجرح أكثر من ثلاثة ملايين، ويشرد أيضاً ما يزيد عن خمسة ملايين شخص تحت حجج كاذبة ومضللة، تدمّر عواصم ويجهز على إرث حضاري إنساني كامل، ولا تجد اميركا وحلفاؤها سبيلاً سوى لوم العراقيين ومعاقبتهم لأنهم لا يمكّنون السكين الأميركية من ذبحهم بطريقة أكثر سهولة ويسراً.
وفي لبنان، تُسلخ أجزاء من بلد بفعل الاحتلال الاسرائيلي، وتُرتكب عشرات المجازر على مرأى ومسمع العالم بأكمله، من دون أن يحرّك هذا العالم ساكناً، حيث يقوم الشعب بالدفاع عن نفسه وتنظيم نفسه في مقاومة جدية وناجحة، فيُجرّم بأكمله ويصبح شعباً إرهابياً ومصدراً للخطر واللااستقرار أمام الاحتلال بما هو فعل اجرامي يمثل أعلى درجات الإرهاب فلا يدان بكلمة.
وفي فلسطين، بلد بأكمله ذاق ولا يزال كل صنوف الاحتلال وآثاره، من مجازر وتشريد وتهجير، واعتقال وسجن وإهمال وإذلال. أما المجتمع الدولي فلا يعنيه إلا كيف يحفظ أمن المحتل؟! غزة هي أكبر سجن في العالم يضم قرابة المليون وسبعمئة ألف شخص، جدار الفصل العنصري يمتد على مسافة 347 كلم ويقطع أوصال المناطق الفلسطينية ويحرم أبناء فلسطين من أبسط مقوّمات العيش، وتبقى اسرائيل بنظر المنظمات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن دولة حضارية تتمتع بكل الاحترام والتقدير.
ماذا فعل هذا الكيان غير القتل والتدمير والمجازر والاحتلال والتهجير، ماذا قدّم للعالم سوى تاريخ من الدماء والتمييز العنصري. تستطيع أن تجد في تاريخ هذا الاحتلال كل فظائع التاريخ وأهواله وجرائمه.
وبعد كل ذلك يحدثونك عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان؟
لعل الأمثولة البالغة التي قدّمتها المقاومة في لبنان وفلسطين أنها أكدت للعالم أن ما يستعمله من مصطلحات كاذبة او يكيله من اتهامات تصلح فقط في الحفلات الرسمية والاجتماعات المغلقة لكواليس التآمر، أمّا الواقع فتقرره إرادة الناس التي لم تثن عزيمتهم كل جرائم الاحتلال وأعمال العدوان. سيبقى حق الشعوب في مقاومة الاحتلال والدفاع عن النفس وتحرير الأرض راسخاً لا يتزعزع، وسيتعزز أكثر وأكثر حين تصر الشعوب على ممارسة هذا الحق لأنه قانون طبيعي لا ينتظر أن يشرّعه أو يمنّ به أحد، هو حق أعطاه الله للناس كما الشمس والهواء والماء، هو كذلك، هكذا كان وهكذا سيبقى، أما "لوم الضحايا" و"شيطنتهم" ووسمهم بالإرهاب فكله سقط وسيسقط، لأن ما تصنعه الإرادات التي تلتف حولها قبضات وأصوات في أربع رياح الكون، لن تزوّره قرارات مفبركة في عتمة الكواليس المتآمرة مهما ارتفع شأنها أو عظمت قدرتها.
الانتقاد/ العدد1288 ـ 8 آب/ أغسطس 2008
وبالإذن من المفكر الفلسطيني الكبير الراحل إدوارد سعيد لاستعادة العنوان، فإن ما يرسم على أعلى صفحات أزمات العالم هو هذا النوع من السياسات الأميركية الإسرائيلية الغربية التضليلية، والتضليل هنا على شقين: داخلي يستهدف تزوير وتحوير الوقائع وغسل دماغ الرأي العام العالمي، وخارجي يستهدف إدانة و"شيطنة" كل الدول والقوى وحركات التحرر التي تناهض المشروع الاستعماري الجديد، إن مصطلحات وتوصيفات: "الإرهاب"، "الدول المارقة"، "محور الشر"، و"معاداة السامية"، التي تحفل بها أدبيات المسؤولين الغربيين، وآلات البروباغندا الضخمة التابعة لهم من خلال ضخ يومي كثيف ومبرمج، لا تترك مجالاً ولو لكوّة صغيرة من الرأي الآخر كي تنفذ إلى عمق الوعي الغربي عامة، وكشف زيف الدعاية والأضاليل الحكومية الرسمية.
في استعراض سريع لما تحفل به وسائل إعلام الغرب اليومية وطريقة تعاطيها مع القضايا الكبرى التي تتصل بالعرب والمسلمين: مثل احتلال أفغانستان والعراق وفلسطين وأجزاء من لبنان، وتهديد إيران، نجد أن جلّ ما ينشره إعلام الغرب يصب حكماً في مصلحة السياسات الحكومية الغربية، ويتعارض مع كل ما يتحفوننا به من نظريات حقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، فهذه لا تطبّق الا عندهم ومن أجل مصلحتهم فقط!
ـ ففي العراق تحتل دولة بأكملها ويقتل ما يزيد عن المليون شخص ويجرح أكثر من ثلاثة ملايين، ويشرد أيضاً ما يزيد عن خمسة ملايين شخص تحت حجج كاذبة ومضللة، تدمّر عواصم ويجهز على إرث حضاري إنساني كامل، ولا تجد اميركا وحلفاؤها سبيلاً سوى لوم العراقيين ومعاقبتهم لأنهم لا يمكّنون السكين الأميركية من ذبحهم بطريقة أكثر سهولة ويسراً.
وفي لبنان، تُسلخ أجزاء من بلد بفعل الاحتلال الاسرائيلي، وتُرتكب عشرات المجازر على مرأى ومسمع العالم بأكمله، من دون أن يحرّك هذا العالم ساكناً، حيث يقوم الشعب بالدفاع عن نفسه وتنظيم نفسه في مقاومة جدية وناجحة، فيُجرّم بأكمله ويصبح شعباً إرهابياً ومصدراً للخطر واللااستقرار أمام الاحتلال بما هو فعل اجرامي يمثل أعلى درجات الإرهاب فلا يدان بكلمة.
وفي فلسطين، بلد بأكمله ذاق ولا يزال كل صنوف الاحتلال وآثاره، من مجازر وتشريد وتهجير، واعتقال وسجن وإهمال وإذلال. أما المجتمع الدولي فلا يعنيه إلا كيف يحفظ أمن المحتل؟! غزة هي أكبر سجن في العالم يضم قرابة المليون وسبعمئة ألف شخص، جدار الفصل العنصري يمتد على مسافة 347 كلم ويقطع أوصال المناطق الفلسطينية ويحرم أبناء فلسطين من أبسط مقوّمات العيش، وتبقى اسرائيل بنظر المنظمات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن دولة حضارية تتمتع بكل الاحترام والتقدير.
ماذا فعل هذا الكيان غير القتل والتدمير والمجازر والاحتلال والتهجير، ماذا قدّم للعالم سوى تاريخ من الدماء والتمييز العنصري. تستطيع أن تجد في تاريخ هذا الاحتلال كل فظائع التاريخ وأهواله وجرائمه.
وبعد كل ذلك يحدثونك عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان؟
لعل الأمثولة البالغة التي قدّمتها المقاومة في لبنان وفلسطين أنها أكدت للعالم أن ما يستعمله من مصطلحات كاذبة او يكيله من اتهامات تصلح فقط في الحفلات الرسمية والاجتماعات المغلقة لكواليس التآمر، أمّا الواقع فتقرره إرادة الناس التي لم تثن عزيمتهم كل جرائم الاحتلال وأعمال العدوان. سيبقى حق الشعوب في مقاومة الاحتلال والدفاع عن النفس وتحرير الأرض راسخاً لا يتزعزع، وسيتعزز أكثر وأكثر حين تصر الشعوب على ممارسة هذا الحق لأنه قانون طبيعي لا ينتظر أن يشرّعه أو يمنّ به أحد، هو حق أعطاه الله للناس كما الشمس والهواء والماء، هو كذلك، هكذا كان وهكذا سيبقى، أما "لوم الضحايا" و"شيطنتهم" ووسمهم بالإرهاب فكله سقط وسيسقط، لأن ما تصنعه الإرادات التي تلتف حولها قبضات وأصوات في أربع رياح الكون، لن تزوّره قرارات مفبركة في عتمة الكواليس المتآمرة مهما ارتفع شأنها أو عظمت قدرتها.
الانتقاد/ العدد1288 ـ 8 آب/ أغسطس 2008