ارشيف من :أخبار عالمية

حصدت أرواح أصحابها.. الأنفاق بديل المعابر في غزة

حصدت أرواح أصحابها.. الأنفاق بديل المعابر في غزة
غزة ـ فادي عبيد
حصدت أرواح أصحابها.. الأنفاق بديل المعابر في غزة حينما توصد الأبواب كافة في وجهك، فإنك تبحث عن كل البدائل الممكنة بعيداً عن أي اعتبارات تتعلق بمخاطرها.. هكذا تعامل سكان قطاع غزة مع الحصار الصهيوني الذي أصاب كل مناحي حياتهم، إلى حد جعل المرضى منهم يعدون الأيام والليالي المتبقية لهم جراء نفاد الأدوية ومنعهم من السفر لتلقي العلاج.
هذا الواقع المأساوي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، انعكس بصورة مباشرة على الأنفاق التي تُحفر تحت باطن الأرض بعمق نحو 9 أمتار أو 20 متراً، وطول 300 أو 1000 متر، أسفل الحدود بين القطاع ومصر، حيث زاد عددها وتطور أسلوب العمل فيها.
يقول أبو محمود أحد العاملين في مجال حفر الأنفاق في العام الأخير، إن عمله وتحديداً منذ فرض الحصار شهد إقبالاً كبيراً، سواء من قبل التجار بهدف إدخال بضائعهم، أو حتى العمال أنفسهم جراء عدة عوامل أبرزها: ارتفاع الأجور التي يتقاضونها والمتراوحة بين 600 الى 800 دولار أميركي في الأسبوع الواحد، فضلاً عن عدم توافر فرص عمل أخرى.
وتستغرق عملية إنجاز حفر النفق الواحد بحسب أبو محمود نحو ثلاثة أو أربعة أشهر، ويشارك فيها 15 عاملاً من القادرين على العمل الشاق والطويل، مستخدمين شبكة كهربائية ومحطات اتصالات سلكية، ومعدات حفر ومحركات سحب، إضافة إلى وسائل تقنية وخبراء لتحديد مسار النفق عبر استخدام "بوصلات" ومختصين، لتحديد اتجاه النفق وربطه بالجانب المصري بشكل دقيق.
وعن التحديات التي يواجهونها، أوضح أبو محمود أن هناك جملة من العراقيل والصعوبات التي تعترض عملهم، في مقدمتها: الاستهداف المستمر من قبل قوات الأمن المصرية، وذلك من خلال رش أنواع من الغازات السامة والمميتة داخل الأنفاق التي تُكتشف، وفي أحيان أخرى تقوم بإغراقها بكميات ضخمة من مياه الصرف الصحي، عدا المخاطر المتعلقة بطبيعة حفر الأنفاق واحتمال انهيارها.
ويضيف أبو محمود لـ"الانتقاد": انه على الرغم من تلك المخاطر فإن العاملين في هذا المجال استطاعوا من خلال التجربة والخبرة، التعامل مع الغازات السامة عبر ما يُعرف "بالتنفيس"، أي فتح ثغرة أخرى للنفق للسماح بإدخال هواء جديد إليه، وتبديد ما تبقى من غازات.
أما عن آلية عمله، فأشار أبو محمود إلى أن العمل ينقسم إلى قسمين: الأول يكون في الجانب المصري من النفق، ويقوم به شخص يطلق عليه "الأمين"، ويتركز دوره في استلام البضاعة التي يراعي فيها خفة وزنها وارتفاع أسعارها، مثل الأدوية والقطع الإلكترونية، ومن ثم توزيعها داخل أكياس كي يتسنى إدخالها عبر النفق. والقسم الثاني يتعلق بالفلسطينيين الذين يتولون استلام البضاعة ونقلها بعد ذلك في شاحنات وتوزيعها على التجار.
الملاحقة المتصاعدة للعاملين في الأنفاق والمسؤولين عنها، حصدت خلال الأشهر القليلة الماضية أرواح نحو 25 فلسطينياً وتسببت في إصابة عشرات آخرين، حسبما تشير معطيات وزارة الصحة في غزة.
يشار إلى أن كيان العدو ـ الذي يلتزم بتهدئة مع الفصائل الفلسطينية ـ دأب على مطالبة الحكومة المصرية بضرورة ملاحقة القائمين على هذه الأنفاق والعمل على إغلاقها. كما أنه اشترط للموافقة على التهدئة التي يسرى مفعولها بغزة حالياً، تعهد الفصائل وقف التهريب الحاصل على حدود القطاع، حسب وصف بعض المصادر. لكن حركة حماس ـ المسيطرة على غزة ـ لمّحت غير مرة إلى أنها لن تخطو أي خطوة سلبية تجاه الأنفاق.
حصدت أرواح أصحابها.. الأنفاق بديل المعابر في غزة

الانتقاد/ العدد1288 ـ 8 آب/ أغسطس 2008
2008-08-07