ارشيف من :أخبار لبنانية
خبراء اقتصاديون يقرأون في مرحلة ما بعد البيان الوزاري
كتب مصعب قشمر
تجاوزت الحكومة اللبنانية قطوع البيان الوزاري، وبات أمامها الكثير من المهمات المستعجلة وفي مقدمها الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي ينتظر المواطن كيف ستقاربها هذه الحكومة بعد الانفراج السياسي.
ولأن البعض يعتبر هذه الحكومة "حكومة الانتخابات النيابية"، كون عمرها لن يتعدى السنة، فهذا لا يكفيها من السعي الى معالجة الشأن الاجتماعي وأول بنوده تصحيح الاجور.
"الانتقاد" استطلعت رأي عدد من الخبراء في الشأن الاقتصادي والاجتماعي، للوقوف على أهم النقاط التي على الحكومة الجديدة الشروع في معالجتها بعد نيلها الثقة.
الخبيران الاقتصاديان الدكتور ايلي يشوعي والدكتور غازي وزنة اختلفت رؤيتهما للمرحلة المقبلة، فبينما أعطى يشوعي رؤية تشاؤمية، كان لوزنة نفحة تفاؤلية ولو محدودة.
من جهتها الدكتورة ندى نعمة أشارت الى أن جمعية حماية المستهلك قدمت الى الحكومة ورقة اقتصادية ـ اجتماعية يمكن اعتمادها بالاشتراك مع القطاعات الاقتصادية والنقابات لمعالجة المشاكل المستفحلة.
وهنا أبرز ما جاء في آرائهم:
يشوعي
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي ان "الملف الاقتصادي والمالي والنقدي والاجتماعي ممسوك من نفس الفريق منذ ستة عشر عاما". وقال: "تعوّدنا على بيانات وزارية للحكومات المتعاقبة، حيث كانت تتحدث عن انها ستنجز الكثير فيه، لكن تنتهي دون إنجاز الحد الأدنى". يضيف: "البيان الحالي لا يختلف كثيرا عن البيانات السابقة، لان فيه الكثير من الكلام الذي يراد منه الطمأنة لكثير من الناس، مثل الالتزام باتفاق الدوحة وتعزيز دور الدولة وبسط سلطتها..". ولفت الى ان "عجز الميزان التجاري لهذا العام تجاوز الـ11 مليار دولار بسبب ارتفاع الأسعار التي ادت بدورها الى التضخم والركود الاقتصادي".
وقال: "ان عوامل اللااستقرار لم تتغير في المنطقة مثل الملف النووي الإيراني والحديث عن الحروب في المنطقة"، معتبراً ان "هذه العوامل تؤثر سلبا على الاقتصاد، فضلا عن ان الفريق الاقتصادي الممسك بالبلد اغرق لبنان بأكثر من اربعين مليار دولار دينا".
وانتقد يشوعي "عملية الخصخصة التي يعمل لها الفريق الاقتصادي لانها ليست سوى خيارات مهدئة، لانه مثلا لو بعنا قطاع الاتصالات بنحو سبعة مليارات دولار، فان ذلك سيخفّض المديونية العامة نسبيا، ومن ثم سيعاود تكوين الدين من جديد".
وأكد ان "سياسة المهدئات ليست حلا، بل الحل يكون بتغيير السياسة الاقتصادية المتبعة منذ ستة عشر عاما"، مشدداً على أنه "بإمكان البنك المركزي تحريك العجلة الاقتصادية وذلك عبر اطلاق السيولة المالية وعدم حبسها، لان اطلاق السيولة سيؤدي الى اقامة مشاريع الاستثمار".
وزني
ومقابل الرؤية التشاؤمية ليشوعي، هناك رؤية اكثر تفاؤلا للخبير كامل وزنة، الذي رأى ان "على حكومة الوحدة الوطنية أن تقوم ببعض الإجراءات التي تخفف عن كاهل المواطن، أولا من خلال مكافحة التضخم وتصحيح الرواتب والأجور بشكل لا يرهق الدولة، وثانيا.. إقرار مشروع موازنة العام ألفين وتسعة ومشاريع موازنات سابقة للأعوام 2006، 2007، و2008".
ويؤكد وزنة ان "الحكومة ستحاول القيام ببعض الإصلاحات على الصعيد الضرائبي وعلى صعيد الإنفاق. فعلى الصعيد الضرائبي ستحاول الحكومة رفع القيمة المضافة من عشرة الى اثني عشر بالمئة، ورفع ضريبة معدلات الفوائد من 5 الى 7 بالمئة".
وعلى صعيد الإنفاق يرى وزنة ان "الحكومة ستستمر في اصلاح مؤسسة كهرباء لبنان وستحاول الاستمرار في اصلاح مؤسسة الضمان الاجتماعي"، مشيراً الى ان "العجز سيبقى مرتفعا في المالية العامة، وستصل المديونية نهاية عام 2008 الى اكثر من 45.5 مليار دولار، اذ ان الدين العام هو نحو 43.5 مليار دولار".
واعتبر ان "من التحديات أمام الحكومة هو خصخصة قطاع الاتصالات، وان المطلوب منها تحسين التقديمات الاجتماعية للمواطن مثل الصحة والتعليم وانماء بعض المناطق ومساعدة قطاعي الزراعة والصناعة عبر تعزيز القدرة الإنتاجية".
وتوقع وزنة ان "يتجاوز النمو الاقتصادي نسبة 4.5 بالمئة بسبب كثافة حركة الاستثمار خاصة في القطاع العقاري اذ ستتجاوز الأربعة مليارات دولار، كما سيشهد القطاع السياحي تحسنا في النصف الثاني من العام ألفين وثمانية". وتوقع ان "تتعزز الصادرات اللبنانية اكثر من عشرين بالمئة بسبب تحسن القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية حيال الأسواق الأوروبية". ولا يخفي وزنة ان "التجاذبات السياسية ستستمر حتى الانتخابات، وهذا ما يمكن أن يؤدي الى حركة اقتصادية متواضعة". ويعترف وزنة بأن "اصحاب رؤوس الاموال هم من سيستفيد من الاستثمارات، ولن تعود بالفائدة الكبيرة على المواطن العادي".
نعمة
جمعية حماية المستهلك قدمت رؤيتها لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، ورفعت ورقة اقتصادية الى الحكومة توضح فيها المشاكل التي يعاني منها المواطن اللبناني والرؤية العملية لإصلاح الوضع الاقتصادي، لانه من خلال هذه الورقة يمكن التأسيس لدولة حديثة.
واعتبرت عضو الجمعية الدكتورة ندى نعمة ان أهم شيء هو ان يعي الرأي العام بأن المصالح السياسية لا تؤدي الى اقامة دولة حديثة، لان كل طرف سياسي يسعى الى تأمين مصالحه في مختلف القطاعات".
واهم ما تضمنته الورقة الاقتصادية التي رفعتها الجمعية هو التوازن في الاقتصاد اللبناني، أي عدم التركيز على قطاع واحد واهمال القطاعات الأخرى. بمعنى آخر عدم التركيز على قطاع الخدمات كالقطاع السياحي واهمال قطاع الانتاج كالزراعة، بل يجب العمل على جعل الدولة، دولة إنتاجية بدل إبقائها مستهلكة.
وشددت نعمة على "أهمية تحسين القطاع الزراعي والعمل على تأمين الامن الغذائي"، ودعت الى "ضرورة ايجاد آلية لكي يستفيد المواطن والدولة من الاستثمارات الخارجية، عبر توظيفها في مختلف القطاعات وعدم التركيز فقط على قطاعات معينة مثل قطاع العقارات".
وتشير نعمة الى ان "الورقة تضمنت رؤية لمعالجة القطاعات المهملة مثل الكهرباء والمياه والنقل والتعليم، والضمان الصحي والاجتماعي"، مؤكدة ان "هذه القطاعات تعاني من مشاكل مزمنة ولا يستفيد منها المواطن بشكل جيد". ورأت ان "حل هذه المشاكل يمكن من خلال ايجاد آلية على طاولة مجلس الوزراء، تشارك فيها كل القطاعات الاقتصادية والنقابات والجمعيات، لمناقشة كل قطاع لوحده، وايجاد الحل المناسب له".
وتقول نعمة ان "الورقة دعت الى تحسين القطاعات المعروضة للخصخصة وإدخال شركات منافسة قبل بيعه لكي يدر على الدولة مبالغ مرتفعة، لان آلية الخصخصة يجب دراستها جيدا، فلا يجب ان ينتقل الاحتكار من الدولة الى الاحتكار الخاص".
اما اسعار السوق فما زالت مرتفعة، ووصلت الى ارتفاع تراكمي وصل خلال عشرين شهرا (من تموز 2006 الى آذار 2008) الى 43.03 موزعة على 160 سلعة اساسية. واكدت الدكتورة نعمة ان "مؤشر الإحصاء المركزي قريب جدا من المؤشر الذي تقدمه الجمعية".
الانتقاد/ العدد 1288ـ 8 آب/ أغسطس 2008
تجاوزت الحكومة اللبنانية قطوع البيان الوزاري، وبات أمامها الكثير من المهمات المستعجلة وفي مقدمها الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي ينتظر المواطن كيف ستقاربها هذه الحكومة بعد الانفراج السياسي.
ولأن البعض يعتبر هذه الحكومة "حكومة الانتخابات النيابية"، كون عمرها لن يتعدى السنة، فهذا لا يكفيها من السعي الى معالجة الشأن الاجتماعي وأول بنوده تصحيح الاجور.
"الانتقاد" استطلعت رأي عدد من الخبراء في الشأن الاقتصادي والاجتماعي، للوقوف على أهم النقاط التي على الحكومة الجديدة الشروع في معالجتها بعد نيلها الثقة.
الخبيران الاقتصاديان الدكتور ايلي يشوعي والدكتور غازي وزنة اختلفت رؤيتهما للمرحلة المقبلة، فبينما أعطى يشوعي رؤية تشاؤمية، كان لوزنة نفحة تفاؤلية ولو محدودة.
من جهتها الدكتورة ندى نعمة أشارت الى أن جمعية حماية المستهلك قدمت الى الحكومة ورقة اقتصادية ـ اجتماعية يمكن اعتمادها بالاشتراك مع القطاعات الاقتصادية والنقابات لمعالجة المشاكل المستفحلة.
وهنا أبرز ما جاء في آرائهم:
يشوعي
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي ان "الملف الاقتصادي والمالي والنقدي والاجتماعي ممسوك من نفس الفريق منذ ستة عشر عاما". وقال: "تعوّدنا على بيانات وزارية للحكومات المتعاقبة، حيث كانت تتحدث عن انها ستنجز الكثير فيه، لكن تنتهي دون إنجاز الحد الأدنى". يضيف: "البيان الحالي لا يختلف كثيرا عن البيانات السابقة، لان فيه الكثير من الكلام الذي يراد منه الطمأنة لكثير من الناس، مثل الالتزام باتفاق الدوحة وتعزيز دور الدولة وبسط سلطتها..". ولفت الى ان "عجز الميزان التجاري لهذا العام تجاوز الـ11 مليار دولار بسبب ارتفاع الأسعار التي ادت بدورها الى التضخم والركود الاقتصادي".
وقال: "ان عوامل اللااستقرار لم تتغير في المنطقة مثل الملف النووي الإيراني والحديث عن الحروب في المنطقة"، معتبراً ان "هذه العوامل تؤثر سلبا على الاقتصاد، فضلا عن ان الفريق الاقتصادي الممسك بالبلد اغرق لبنان بأكثر من اربعين مليار دولار دينا".
وانتقد يشوعي "عملية الخصخصة التي يعمل لها الفريق الاقتصادي لانها ليست سوى خيارات مهدئة، لانه مثلا لو بعنا قطاع الاتصالات بنحو سبعة مليارات دولار، فان ذلك سيخفّض المديونية العامة نسبيا، ومن ثم سيعاود تكوين الدين من جديد".
وأكد ان "سياسة المهدئات ليست حلا، بل الحل يكون بتغيير السياسة الاقتصادية المتبعة منذ ستة عشر عاما"، مشدداً على أنه "بإمكان البنك المركزي تحريك العجلة الاقتصادية وذلك عبر اطلاق السيولة المالية وعدم حبسها، لان اطلاق السيولة سيؤدي الى اقامة مشاريع الاستثمار".
وزني
ومقابل الرؤية التشاؤمية ليشوعي، هناك رؤية اكثر تفاؤلا للخبير كامل وزنة، الذي رأى ان "على حكومة الوحدة الوطنية أن تقوم ببعض الإجراءات التي تخفف عن كاهل المواطن، أولا من خلال مكافحة التضخم وتصحيح الرواتب والأجور بشكل لا يرهق الدولة، وثانيا.. إقرار مشروع موازنة العام ألفين وتسعة ومشاريع موازنات سابقة للأعوام 2006، 2007، و2008".
ويؤكد وزنة ان "الحكومة ستحاول القيام ببعض الإصلاحات على الصعيد الضرائبي وعلى صعيد الإنفاق. فعلى الصعيد الضرائبي ستحاول الحكومة رفع القيمة المضافة من عشرة الى اثني عشر بالمئة، ورفع ضريبة معدلات الفوائد من 5 الى 7 بالمئة".
وعلى صعيد الإنفاق يرى وزنة ان "الحكومة ستستمر في اصلاح مؤسسة كهرباء لبنان وستحاول الاستمرار في اصلاح مؤسسة الضمان الاجتماعي"، مشيراً الى ان "العجز سيبقى مرتفعا في المالية العامة، وستصل المديونية نهاية عام 2008 الى اكثر من 45.5 مليار دولار، اذ ان الدين العام هو نحو 43.5 مليار دولار".
واعتبر ان "من التحديات أمام الحكومة هو خصخصة قطاع الاتصالات، وان المطلوب منها تحسين التقديمات الاجتماعية للمواطن مثل الصحة والتعليم وانماء بعض المناطق ومساعدة قطاعي الزراعة والصناعة عبر تعزيز القدرة الإنتاجية".
وتوقع وزنة ان "يتجاوز النمو الاقتصادي نسبة 4.5 بالمئة بسبب كثافة حركة الاستثمار خاصة في القطاع العقاري اذ ستتجاوز الأربعة مليارات دولار، كما سيشهد القطاع السياحي تحسنا في النصف الثاني من العام ألفين وثمانية". وتوقع ان "تتعزز الصادرات اللبنانية اكثر من عشرين بالمئة بسبب تحسن القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية حيال الأسواق الأوروبية". ولا يخفي وزنة ان "التجاذبات السياسية ستستمر حتى الانتخابات، وهذا ما يمكن أن يؤدي الى حركة اقتصادية متواضعة". ويعترف وزنة بأن "اصحاب رؤوس الاموال هم من سيستفيد من الاستثمارات، ولن تعود بالفائدة الكبيرة على المواطن العادي".
نعمة
جمعية حماية المستهلك قدمت رؤيتها لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، ورفعت ورقة اقتصادية الى الحكومة توضح فيها المشاكل التي يعاني منها المواطن اللبناني والرؤية العملية لإصلاح الوضع الاقتصادي، لانه من خلال هذه الورقة يمكن التأسيس لدولة حديثة.
واعتبرت عضو الجمعية الدكتورة ندى نعمة ان أهم شيء هو ان يعي الرأي العام بأن المصالح السياسية لا تؤدي الى اقامة دولة حديثة، لان كل طرف سياسي يسعى الى تأمين مصالحه في مختلف القطاعات".
واهم ما تضمنته الورقة الاقتصادية التي رفعتها الجمعية هو التوازن في الاقتصاد اللبناني، أي عدم التركيز على قطاع واحد واهمال القطاعات الأخرى. بمعنى آخر عدم التركيز على قطاع الخدمات كالقطاع السياحي واهمال قطاع الانتاج كالزراعة، بل يجب العمل على جعل الدولة، دولة إنتاجية بدل إبقائها مستهلكة.
وشددت نعمة على "أهمية تحسين القطاع الزراعي والعمل على تأمين الامن الغذائي"، ودعت الى "ضرورة ايجاد آلية لكي يستفيد المواطن والدولة من الاستثمارات الخارجية، عبر توظيفها في مختلف القطاعات وعدم التركيز فقط على قطاعات معينة مثل قطاع العقارات".
وتشير نعمة الى ان "الورقة تضمنت رؤية لمعالجة القطاعات المهملة مثل الكهرباء والمياه والنقل والتعليم، والضمان الصحي والاجتماعي"، مؤكدة ان "هذه القطاعات تعاني من مشاكل مزمنة ولا يستفيد منها المواطن بشكل جيد". ورأت ان "حل هذه المشاكل يمكن من خلال ايجاد آلية على طاولة مجلس الوزراء، تشارك فيها كل القطاعات الاقتصادية والنقابات والجمعيات، لمناقشة كل قطاع لوحده، وايجاد الحل المناسب له".
وتقول نعمة ان "الورقة دعت الى تحسين القطاعات المعروضة للخصخصة وإدخال شركات منافسة قبل بيعه لكي يدر على الدولة مبالغ مرتفعة، لان آلية الخصخصة يجب دراستها جيدا، فلا يجب ان ينتقل الاحتكار من الدولة الى الاحتكار الخاص".
اما اسعار السوق فما زالت مرتفعة، ووصلت الى ارتفاع تراكمي وصل خلال عشرين شهرا (من تموز 2006 الى آذار 2008) الى 43.03 موزعة على 160 سلعة اساسية. واكدت الدكتورة نعمة ان "مؤشر الإحصاء المركزي قريب جدا من المؤشر الذي تقدمه الجمعية".
الانتقاد/ العدد 1288ـ 8 آب/ أغسطس 2008