ارشيف من :أخبار عالمية
النائبة وعضوة المكتب السياسي للجبهة الشعبية خالدة جرار
رام الله ـ ميرفت عمر
قبل أيام من الموعد الذي حددته الرعاية المصرية للحوار الفلسطيني من أجل التوقيع على اتفاق مصالحة بين حركتي حماس وفتح بعد أكثر من عامين على قطيعة نجم عنها انقسام فلسطيني حاد... لا تزال الاعتقالات على خلفية سياسية مستمرة بل وتتصاعد بالعشرات يوميا.
وبرغم الأوامر التي أصدرها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالإفراج عن معتقلي حماس في الضفة الغربية، أكدت حماس أن نحو 150 من عناصرها اعتقلوا بعد هذا الإعلان ليصل مجموع المعتقلين من أفرادها إلى قرابة 750 في سجون السلطة بالضفة.
وفي مقابلة خاصة مع النائبة في المجلس التشريعي وعضوة المكتب السياسي للجبهة الشعبية خالدة جرار، قالت إن الممارسات الأمنية على الأرض لا تهيئ الأجواء لأية مصالحة وتعبر عن عدم التزام بأية قرارات سياسية.
وأبدت جرار خشيتها من أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية باتت خارجة عن القرار السياسي الفلسطيني نتيجة ما يسمى بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، وما يتركه ذلك من أثر على واقع الانقسام الفلسطيني وتعزيزه.
وفي مقابلتها، كشفت النائبة جرار عن التحضير لإطلاق حملة وطنية فلسطينية واسعة من أجل وضع حد للاعتقالات السياسية وكل ما نجم عن الانقسام الفلسطيني من إغلاق الجمعيات وانتهاكات حقوق الإنسان وفصل وظيفي ومنع للمسيرات والفعاليات وغيرها.
وهنا نص المقابلة كاملا:
- برغم الأوامر التي أصدرها رئيس السلطة للأجهزة الأمنية الفلسطينية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين إلا أن الاعتقالات تتصاعد، والحديث يدور عن قرابة 200 معتقل بعد الدعوة. ما تفسير ذلك؟
كان من المفترض، وبناءً على أوامر الرئيس محمود عباس، أن يطلق سراح كافة المعتقلين السياسيين في الضفة، لكن ما حدث كان عدم التزام بدعوة الرئيس والأطراف الأخرى، وعدم جدية في تهيئة وتوفير الأجواء للمصالحة.
يجب إنهاء هذا الملف وعدم العودة له مجددة، ومن المهم هنا التوضيح أن المطلوب ليس فقط إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإنما ضمان عدم العودة لاعتقال، بمعنى إنهاء ملف الاعتقال السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
- هل تعتقدون أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية باتت تعمل بعيدا عن أية قرارات تدعم الحوار وصولا إلى مصالحة فلسطينية داخلية؟
هذا موضوع سياسي وهو قرار اتخذ من أعلى رأس في السلطة، وكان من المفترض بالأجهزة الأمنية أن تنفذ هذا القرار، لكن للأسف نخشى أن التنسيق الأمني مع الاحتلال جعل الأجهزة الأمنية الفلسطينية خارج القرار السياسي، ما أثر على الوضع الفلسطيني ككل.
- هناك توقعات بأن اتفاق المصالحة المزمع توقيعه في السابع من تموز القادم بين فتح وحماس، لن ينهي الانقسام وإنما سيعمل على إدارته فقط. ما حقيقة هذا الاتفاق؟
كل الحديث الآن إعلامي حول طبيعة هذا الاتفاق، ولا شيء رسميا بخصوص الدعوات للتوجه إلى الحوار على الأقل للفصائل من غير حماس وفتح، لكن إذا كان الحديث عن الورقة المصرية المقدمة بخصوص تشكيل لجنة موسعة تدير الوضع في الضفة وغزة فأعتقد أن هذا لن يعالج موضوع الانقسام، وإنما سيكون شكلا من أشكاله.
يجب أن يكون هناك حوار جدي ومعمق يؤدي إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني بقرار من الطرفين أولا، وبإجراءات توحد الضفة وغزة ثانيا، وبحكومة توافق وطني تشرف على توحيد الطرفين والإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية مطلع عام 2010.
-في ظل انحسار الضغط الشعبي، هل تعتقدون أن هناك إرادة لدى فتح وحماس بالمصالحة وإنهاء الانقسام؟
نأمل ذلك بالطبع، ولكن للأسف ما يبدو على الأرض أن كل طرف يعمل على تقوية أوضاعه في مواجهة الطرف الآخر، لا أن يبذل جهودا حقيقية لمعالجة مأساة الانقسام. ما يحصل هو فرض أمر واقع من الطرفين بشكل لا يراعي جهود المصالحة المحلية والمصرية أيضا.
وبرغم انحسار الدور الشعبي الضاغط على الطرفين لانجاز مصالحة حقيقية، إلا أن غزة شهدت تحركات شعبية هامة خاصة في الأسابيع الأخيرة للدفع باتجاه ذلك، ونأمل أن يتاح هذا الأمر في الضفة الغربية أيضا، والمطلوب أن يكون هنا ضغط شعبي أكبر وأكثر فعالية على الطرفين باعتباره مدخلا هاما لمعالجة الواقع السيئ وإقناع الطرفين برفض الشارع للسياسات الناجمة عن الانقسام وضرورة إنهائه.
- كان هناك لجنة لمتابعة الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة وأنهت عملها، ما العمل الآن لإيجاد ضغط باتجاه وقف هذه الاعتقالات؟
نحن الآن بصدد إطلاق حملة وطنية ضد انتهاك الحقوق والحريات في الضفة وغزة بكل أشكاله وخاصة الاعتقالات السياسية، ومنع المسيرات والتظاهرات، وهناك اعتداء على جمعيات وإغلاقها وهناك فصل وظيفي وإيقاف رواتب، هذه الحملة ستتشكل من الأحزاب والمؤسسات المختلفة وتعمل بضغط كبير لإنهاء تداعيات الانقسام على الأرض.
- هل تعتقدون أن المتغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة خاصة بعد خطاب أوباما وما أفرزته الانتخابات الإيرانية، ستكون عاملا حاسما في الوصول إلى اتفاق فلسطيني؟
يجب أن يؤثر هذا بالتأكيد باتجاه الدفع لانجاز اتفاق مصالحة حقيقي ونابع من قناعة بأهمية إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، لأن المتغيرات الدولية والإقليمية التي تحاول الاستفادة من حالة الانقسام يجب أن تكون عاملا هاما في إنهائه بالنسبة للفلسطينيين، وخاصة في ظل السياسة الإسرائيلية المعلنة من قبل الاحتلال وتذرعه الدائم بحالة الانقسام الفلسطيني لإمرار سياساته.
ـ بعد خطاب نتنياهو الأخير، ما المطلوب من الفلسطينيين لمواجهة السياسة الإسرائيلية التي تجدد رفضها للحقوق الفلسطينية؟
المطلوب وحدة فلسطينية حقيقية، يرافقها مراجعة حقيقية لكل منهج المفاوضات مع الاحتلال الذي لم يفضِ إلى شيء والذي تحاول إسرائيل استثماره باتجاه فرض حقائق على الأرض، والمطلوب وقفها بشكل نهائي وإجراء مراجعة سياسية فلسطينية شاملة بحيث يتولد لدينا إستراتيجية واحدة تعزز من صمود الناس وتعزز من المقاومة بكل أشكالها، وتوجد إستراتيجية فلسطينية ليست قائمة على المفاوضات المنفردة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإنما عبر آلية تنطلق من ضغط دولي من خلال مؤتمر دولي كامل الصلاحية لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وليس التفاوض عليها.
ـ من الملاحظ أن قوى اليسار تكاد تكون بلا تأثير على طرفي النزاع الفلسطينيين لانجاز مصالحة. ما هو الدور الذي تقومون به لأجل ذلك؟
قوى اليسار قدمت مبادرات في هذا الإطار بالإضافة إلى آراء مكتوبة للجانب المصري، وهذه الأفكار من شأنها أن تؤدي إلى إنهاء تمترس كل طرف وراء مواقف تعزز الانقسام، والآن يجب أن تتحول هذا الرؤية إلى آليات فعل تؤدي إلى إنهاء الانقسام وصولا إلى مصالحة حقيقية.
ـ هل تعتقدون أن إطلاق سراح الدكتور عزيز دويك مقدمة لإحياء دور المجلس التشريعي باتجاه المصالحة الحقيقية؟
نأمل أن يعود المجلس التشريعي إلى اجتماعاته وان يعود مظلة لكل الحالة، ولكن نعلم أن المجلس التشريعي ووضعه الحالي يعد أحد أسباب حالة الانقسام الحاصلة، لذلك نأمل المضي في حوار وطني شامل يكون جزءا منه عودة التشريعي كمظلة للوحدة وليس تعزيز حالة الانقسام.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018