ارشيف من :أخبار عالمية

عزمي بشارة : التجربة التاريخية أثبتت أن توسيع الهوة بين الغني والفقير يفتت الأمة

عزمي بشارة : التجربة التاريخية أثبتت أن توسيع الهوة بين الغني والفقير يفتت الأمة

يرمي المفكر والكاتب الفلسطيني عزمي بشارة إلى ربط مسألة النهضة بالهوية العربية والحداثة، وربط مصير القومية العربية بمدى قدرتها على تقبل مهمات المجتمع الحديث ومواجهة تحدياته بمشروع معين.


كذلك يربط بين مهمة تجديد الفكر العربي وبناء الأمة، وتحديد مطالب وبرامج في هذا الاتجاه تكون مفهومة للناس.

يرى بشارة في كتابه الجديد: "أن تكون عربياً في أيامنا" أن مسألة الصراع مع إسرائيل والقضية الفلسطينية هي قضية الأمة.. وليست قضية الفلسطينيين أو "مشكلتهم" التي ينبغي أن يتعاملوا معها، وأن يتدبروا أمرهم بشأنها.


- ويقول: «أن تكون عربياً في أيامنا؛ يعني أن تعرف نفسك كعربي في فضاء الانتماءات السياسية، فالقومية العربية ليست أيديولوجية شاملة، بل انتماءً ثقافياً يدعي العروبي عبره أنه أصلح من الطائفة والعشيرة، لتنظيم المجتمع الحديث في كيان سياسي، ويثبت الواقع البائس في الدول العربية، أن هذا الانتماء أكثر فاعلية من الانتماء القطري لتوحيد كل شعب عربي، وهو بالتالي أضمن لوحدته من اختراع هوية وطنية على أسس طائفية أو عشائرية».


ويضيف بشارة: «أن يكون الإنسان عربياً لا يعن بالضرورة أن يؤمن بالعدالة الاجتماعية، لكن التجربة التاريخية أثبتت أن توسيع الهوة بين الغني والفقير يفتت الأمة، وأن في ظروفنا لا تبنى أمة يتلقى أبناؤها التعليم بمستويات مختلفة، وبرامج تدريس مختلفة، ولغات مختلفة، أو يتلقى مرضاها العلاج طبقاً لوضعهم الطبقي».


- مؤكداً أنه يجب جمع الفكرة القومية مع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويفضل أن يكون هذا الجمع أصلياً وليس أداتياً تمليه الحاجة، وبما أن الاستعمار وإسرائيل قد حددا موقفاً ضد العروبة هوية لشعوب المنطقة ودولها، وموقفاً ضد الاتحاد العربي بدأ بفصل الشرق عن الغرب، ومن السطو المسلح على فلسطين، ونهاية بالاستفراد بكل دولة عربية على حدة، في شؤون الثروة والثورة والاستراتيجية، وأخيراً ما يسمى بعملية السلام، لذلك فأن تكون عروبياً يعني بالضرورة أن تدعم المقاومة.


أن تكون عروبياً لا يعني أن تجعل الانتماء إلى القومية أساسا للمواطنة، بل يعني أن العروبة أساس حق تقرير المصير وبناء الدولة، والعضوية في "الدولة - الأمة" تعني المواطنة المتساوية إن كان المواطن عربياً أو غير عربي.


- لكن المؤلف يستدرك: بأن ذلك لا يعني أن تتغنى بالمقاومة وتترك ممارستها للتيارات الدينية، وهذه مسألة يجب أن يحسمها التيار القومي، يجب تقريب التيارات الدينية المقاومة من الفكرة القومية العربية في الحضارة الإسلامية، ويجب تنبيه المقاومة من خطر المذهبية على التواصل بينها وبين مجمل الأمة، ولا بد من التحذير:
 
من أن المقاومة ضد الأجنبي بذاتها ليست ثقافة تحررية بالضرورة، ولا تشمل برنامجاً لما بعد التحرير، وأنها لا تبني الوحدة القومية بالضرورة، لكن هذه التحذيرات في مجملها لا تكفي إذا لم يمارس العروبيون الوحدويون -المعارضون للطائفية والمذهبية- المقاومة بأنفسهم.

- أما بالنسبة إلى التجديد في الفكر القومي العربي؛ يؤكد بشارة وجود تحديات أبرزها: أن الفكر العربي الذي يحمل صفة القومي ليس فكراً موحداً، لهذا فإن التجديد لن يكون موحداً أيضاً، والعناصر المشتركة التي تميزه عن غيره من التيارات الفكرية العربية قليلة جداً.

ويؤكد: أن العناصر المشتركة القليلة، التي تجمع حاملي الفكرة العربية.. هي التي تصنع الفرق بينها وبين بقية التيارات، لكنه بحد ذاته غير كاف لتأسيس فكر، فلا فكر يجمع بين الفكرة القومية.. إذا كانت ديمقراطية ليبرالية وفكرة قومية فاشية، لأن القومية المشتركة بذاتها ليست فكراً، بل انتماء أو تسييس لانتماء.

- ويعتبر أن تطوير الفكر القومي العربي يحسم موقفه إلى جانب الديمقراطية وحقوق المواطن الاجتماعية والمدنية، ويتحقق من خلال الممارسة التي لا تطرح الأسئلة فحسب.. بل تخفف من "طوباوية" الإجابات النظرية التقريعية الغاضبة، التي تشكل وجه اللغة الخشبية الآخر.


- يعلن عزمي بشارة: أن التجربة العراقية أثبتت أن الاحتلال من الخارج تحت شعار "الديمقراطية" وفي عملية تصادم مع عملية بناء الأمة.. لا ينتج ديمقراطية، والحديث عن فشل الهوية القومية في تشكيل وفاق وطني، وضرورة إقصاء الهوية القومية العربية إلى مستوى الهويات الطائفية والمذهبية.. هو نمط من الاستنتاج، فما فشل وثبت فشله هو: إقصاء الهوية العربية من جهة، أو تحويلها إلى "أيديولوجية" من جهة أخرى، بدل التعامل معها كأساس لبناء الأمة في أول مراحل الاستقلال، ومن يتنازل عن القومية العربية -بحجة أنها هوية أخرى مثل الهوية المذهبية والطائفية وغيرها- مدعياً أنها يجب أن تفصل عن الدولة مثل الهوية الطائفية والمذهبية والعشائرية.. لا يميز حداثية القومية، ولا يرى أنها جماعة يمكن تخيلها بأدوات الحداثة، فهي ليست هوية جماعة مباشرة، وهو بتحييدها يحرم صيرورة التطور من عنصر أساسي في تشكل الدولة الحديثة، ومرحلة مهمة في عملية بناء الأمة، وصولاً إلى فصل القومية عن الدولة في أمة المواطنين.


وكالات



2009-06-26